مكتملة ظل الصقر ــ 20/1/2025 (1 مشاهد)

the king Scorpion

نائب المدير
إدارة عرب نار
نائب الزعيم
إنضم
20 فبراير 2025
المشاركات
421
مستوى التفاعل
7
نقاط
8,322
النوع
ذكر
الميول
طبيعي
غير متصل

ظل الصقر" هي قصة تمزج بين الإثارة النفسية، والمخاطر السياسية، وقوة الإرادة الإنسانية، حيث يصبح البطل ظلاً في عالم لا يرحم، يسعى فيه لتحقيق مهمة صعبة تفوق كل التوقعات.​

الحارة الشعبية كانت مليانة حياة، صوت البياعين الصبح بدري بيملأ المكان، والحريم واقفة على عتبة البيت بتتكلم عن أسعار الخضار وحال الدنيا. الأطفال بيجروا في الشارع يلعبوا كورة، والشباب قاعدين على القهوة جنب عم عبده بائع السجائر الليفي شقة ضيقة في شبرا، الإضاءة الخافتة بتكشف تفاصيل فوضوية. أوراق مرمية على الأرض، عليها شخبطة غريبة، وكأنها أفكار مجنونة مكتوبة بسرعة. آدم شريف، شاب في أواخر العشرينات، قاعد قدام المرآة. وشه شاحب وعينيه كلها قلق. كان بيكلم نفسه، أو بالأدق، حد في دماغه.​

آدم: "إنت فاكر إنهم هيصدقوك؟ لأ يا آدم، كلهم فاكرينك مجنون... بس إحنا عارفين الحقيقة، مش كده؟"​

آدم قام فجأة من مكانه، كأنه مش قادر يتحمل الصوت اللي بيطارده. لبس جاكت قديم وخرج للشارع. في طريقه لعابدين، كان عقله شغال على خطة غريبة.​

آدم (لنفسه): "العصابة دي لازم تختفي. محدش هيصدقني لو قلت إني بعمل كده عشان أنقذ ناس... لكن ده مش مهم. المهم إنهم يدفعوا تمن اللي عملوه."​

في نفس الوقت، قسم الشرطة في السيدة زينب كان مليان حركة. المحقق كريم الطوخي ماسك ملف الجريمة الأخيرة: جثة رجل مقتول في شبرا. الطعنة كانت نظيفة، زي ما تكون من حد محترف. الورقة اللي لقوها مع الجثة مكتوب عليها: "ده واحد منكم. أنا مظلوم." كريم شاف حاجة غريبة في الجريمة دي، حاجة بتربطها بحوادث اختطاف الأطفال اللي شغالة بقالها شهور.​

كريم: "الورقة دي مش رسالة عشوائية. القاتل عايز يقول حاجة، لكن هل ده واحد عايز ينتقم؟ ولا حد بيحاول يغطي على مصيبة أكبر؟"​

في نفس الوقت، آدم وصل مستودع مهجور في الحرفيين، المكان اللي العصابة بتجمع فيه الأطفال المخطوفين. بص حواليه، شاف حراس مسلحين. مسك شنطته اللي فيها قنبلة دخان كان عاملها بنفسه. قرب بهدوء، ولما جه الوقت المناسب، رماها وسط الحراس.​

آدم (لنفسه): "دي فرصتي... لو فشلت دلوقتي، كل حاجة هتضيع."​

الفوضى بدأت. صراخ وزحمة، لكن آدم كان مركز. دخل جوه المستودع ولقى الأطفال المربوطين في زاوية.​

آدم: "متخافوش، أنا هنا عشان أخرجكم."​

في اللحظة دي، ظهر زعيم العصابة، حسن الجزار، ومعاه رجالة.​

حسن: "إنت اللي كنت بتراقبنا؟ فاكر نفسك هتخرج من هنا حي؟"​

آدم كان عارف إنه مش هيخرج بسهولة. بدأ يواجههم، مستخدم كل مهاراته. اشتبك مع رجالة حسن، لكنهم كانوا أكتر منه. في نص المعركة، حس بصوت في دماغه بيرن.​

الصوت: "شايف؟ كل ده بسببك... كان ممكن تهرب وتسيبهم."​

آدم (بصوت عالي): "اسكت! إنت السبب في كل حاجة!"​

رجالة حسن كانوا فاكرين إنه بيكلمهم، لكنهم استغلوا اللحظة وهاجموه. في اللحظة الأخيرة، دخلت الشرطة.​

كريم: "سيبوا السلاح! المكان كله محاصر!"​

آدم بص حواليه، شايف الشرطة بتقبض على العصابة. وقف مكانه، مش عارف إذا كان هو انتصر ولا خسر. كريم قرب منه.​

كريم: "إنت مين؟ وليه كنت هنا؟"​

آدم (بصوت خافت): "أنا الضحية... وأنا الجاني... ومحدش هيصدقني."​

وقبل ما يرد كريم، آدم اختفى وسط الزحمة.​

صوته معروف في الحارة وهو بينادي على البضاعة. المكان كان دايما مليان حركة وضحك، وده كان بالنسبة لأحمد عبد السلام هو العالم اللي نشأ فيه. أحمد كان شاب في أواخر العشرينات، معروف بذكاءه وطيبة قلبه. كان عايش مع أسرته اللي مكونة من سبع أفراد، وكل واحد فيهم كان له قصته وحلمه.​

والده عبد السلام النشرتى، نجار شاطر ومعروف في الحارة بحرفته العالية، كان عنده ورشة صغيرة دايما مليانة شغل. ورغم شغل الحاج عبد السلام الكتير، كان دايما بيرجع البيت مبتسم وبيهزر مع عياله. والدته أمينة، ست مصرية أصيلة في الخمسينات، كانت هي عمود البيت اللي دايما بتجمع العيلة حوالين سفرة واحدة، وتغطيهم بحبها وحنانها. كان عند أحمد أربع إخوات: إبراهيم، خالد، سارة، ومنى.​

إبراهيم كان الأخ الكبير عنده 35 سنة، شغال مدرس رياضيات في مدرسة إعدادية. كان معروف بحكمته وصبره، ودايما بيقول لأحمد: العلم هو السلاح اللي محدش يقدر ياخده منك. لما أحمد كان بيواجه أي مشكلة في دراسته، كان إبراهيم هو أول واحد يلجأ له. خالد، الأخ التاني، عنده 32 سنة وبيشتغل ميكانيكي في ورشة صغيرة في الحتة، دايما شغله مميز وبيحلم إنه يفتح ورشة أكبر يكون فيها اسمه. خالد كان دايما بيهزر مع أحمد وبيقوله: لو فتحت ورشتي الكبيرة، هخليك تركب عربية ببلاش.​

سارة، توأم أحمد، كانت ممرضة في مستشفى قريب. عندها 28 سنة، وشخصيتها حنونة جدا. سارة كانت دايما بتحاول تزرع التفاؤل في أي موقف. أما منى، الصغيرة، فعندها 25 سنة ولسه بتدرس الماجستير في التجارة. منى كان عندها حلم كبير إنها تشتغل في بنك كبير وتحقق ذاتها. أحمد كان بيحب أخواته جدا، وكل واحد فيهم كان له مكانة خاصة في قلبه.​

في الحارة، كان أحمد له صحاب قريبين منه جدا. عمر، المحاسب اللي عنده 29 سنة، كان صاحبه الأقرب، ودايما بيشاركه أحلامه وطموحاته. كان فيه يوسف، الجندي في الجيش اللي عمره 30 سنة، ودايما كان بيشجع أحمد إنه يحقق حاجة كبيرة لبلده. كمان كان فيه ماهر، اللي عمره 31 سنة، وبيشتغل كهربائي، كان دايما بيغير شوية من نجاح أحمد لكنه بيحبه وبيعتبره قدوة.​

في وسط كل الحب اللي كان حوالين أحمد، كانت فيه ليلى. ليلى كانت بنت الحارة الجميلة، عندها 27 سنة، وبتشتغل في مكتبة صغيرة. ليلى كانت هادية وذكية، ودايما كلامها موزون. أحمد وليلى كانوا يعرفوا بعض من زمان، لكن مع الوقت الصداقة دي اتحولت لحب كبير. كانوا بيقعدوا قدام المكتبة يتكلموا عن أحلامهم، وكان دايما يقول لها: أنا عايز أعمل حاجة كبيرة، حاجة تخليني أكون مفيد لبلدي. ليلى كانت دايما بترد عليه: أنا واثقة فيك يا أحمد، إنك هتبقى حاجة عظيمة.​

في يوم من الأيام، أحمد رجع من شغله في الشركة التقنية اللي بيشتغل فيها، وكان متأخر شوية. أول ما قرب من بيته، لقى واحد واقف مستنيه. الراجل كان شكله أنيق ومش من الحارة خالص. قال له: إنت أحمد عبد السلام النشرتى؟ أحمد رد وهو مستغرب: أيوة، مين حضرتك؟ الراجل قال: إحنا من المخابرات المصرية، وعايزين نتكلم معاك في موضوع مهم.​

أحمد كان مش فاهم حاجة، بس قرر إنه يروح يقابلهم في مكتب بعيد عن الحارة. هناك، الراجل قال له: إحنا متابعينك من فترة، وشفنا إنك شخص مميز جدا. ذكاءك وطباعك هما السبب اللي خلونا نختارك لمهمة وطنية. أحمد حس بالدهشة والخوف، لكن الراجل كمل كلامه: المهمة دي سرية جدا، ومش هتقدر تقول لحد عنها، حتى أقرب الناس ليك.​

رجع أحمد البيت وهو مشوش جدا. قعد مع نفسه يفكر في كل حاجة، خصوصا ليلى. كان عارف إن قبوله للمهمة دي هيغير حياته كلها، لكنه كان مؤمن إن ده هو حلمه الحقيقي، إنه يخدم بلده. تاني يوم، أحمد راح للمكتب وقال: "أنا موافق."​

بدأت حياة أحمد تتغير بسرعة. اتنقل لمكان سري عشان يبدأ تدريبات مكثفة. التدريبات دي كانت حاجة ما تخطرش على البال، شملت كل حاجة من استخدام التكنولوجيا المتقدمة، لفك الشيفرات، وحتى التعامل مع المواقف الصعبة جدا. المدربين كانوا دايما بيقولوا عنه: أحمد مش بس ذكي، ده عبقري بالفطرة.​

اللواء سامي، المسؤول عن تدريبه، كان دايما بيراقبه. في يوم قال له: أحمد، إنت عندك قدرة مش موجودة عند حد تاني، وده اللي هيخليك تنجح في المهمة اللي هنكلفك بيها. أحمد حس بالفخر، لكنه كان قلقان على أهله وليلى. في يوم، اللواء سامي قال له: إنت هتسافر قريب لدولة أوروبية عشان تبدأ مهمتك. السفرية دي سرية جدا، ومش هينفع تقول لأي حد عنها. أحمد سأل: طب أهلي وليلى؟ هيقولوا إيه لما يعرفوا إني مسافر فجأة؟ اللواء سامي طمأنه: "هتقول لهم إنك مسافر بسبب شغلك، وإحنا هنضمن سلامتهم."​

قبل السفر، أحمد قرر يقابل ليلى. وقف قدام المكتبة وهو مش عارف يبدأ الكلام. لما شافته، ابتسمت وقالت له: مالك يا أحمد؟ شكلك مش طبيعي. أحمد رد: أنا مسافر يا ليلى، شغلي طلب مني أسافر لفترة طويلة. ليلى نظرت له بقلق: "فترة قد إيه؟ أحمد حاول يخفي توتره وقال: مش عارف، بس أوعدك إني هرجع. ليلى حاولت تخبي دموعها وقالت: أنا مستنياك، بس خلي بالك من نفسك.​

بعدما اكتملت تدريبات أحمد في مصر واستعداده النفسي والبدني للمهمة، بدأت المرحلة الخامسة من خطته، وهي السفر لدولة أوروبية تم اختيارها بعناية لتكون المحطة الأولى في رحلته كعميل يعمل لصالح وطنه. أوروبا لم تكن مجرد مكان للتأقلم مع حياة الغربة أو التدرب على الهوية الجديدة، لكنها كانت اختباراً حقيقياً لقدرة أحمد على التكيف في بيئة مفتوحة ومعقدة مليئة بالجاليات اليهودية المختلفة.​

أحمد سافر، لكنه كان شايل في قلبه حب أهله وليلى وحارته. كل ليلة، وهو في الغربة، كان يتخيل نفسه في الحارة، وسط أهله وصحابه، ويتمنى يرجع يعيش حياته الطبيعية. لكنه كان مؤمن إن اللي بيعمله أكبر من أي حاجة تانية، وإنه بيضحي عشان بلده​

سافر أحمد إلى فرنسا بجواز سفر يحمل اسمه الجديد، آدم كوهين، وهوية يهودية أوروبية كاملة التفاصيل. فرنسا كانت مركزاً للجاليات اليهودية في أوروبا، وهناك كان عليه أن يثبت نفسه كجزء طبيعي من هذا المجتمع. أول شيء فعله بعد وصوله كان الانتقال إلى شقة صغيرة في حي باريسي معروف بتنوعه الثقافي ووجود عدد كبير من اليهود المهاجرين فيه. أحمد بدأ حياته كمهندس تقني شاب يبحث عن فرص عمل جديدة، وكان دائما على استعداد لإظهار معرفته الواسعة في مجال التكنولوجيا والتصنيع.​

في البداية، قضى أحمد أسابيع يحاول دراسة المكان وفهم طبيعة السكان المحيطين به. كان يزور المعابد اليهودية المحلية ويتردد على المطاعم اليهودية، حيث بدأ بتكوين صداقات مع أفراد من الجالية. كان يتحدث العبرية بتلقائية، ما جعله يبدو كأنه فرد أصيل، وكان دائما يطرح أسئلة ذكية تظهر فضوله وانفتاحه على ثقافة اليهود في أوروبا.​

أثناء تلك الفترة، كان أحمد شديد الحرص على بناء صورة متكاملة لشخصيته الجديدة. كان يشارك في المناسبات الاجتماعية الصغيرة، مثل حفلات الأعياد اليهودية أو اللقاءات الثقافية التي تنظمها الجالية. أحد أبرز هذه اللقاءات كان حفلة نظمتها إحدى المنظمات الشبابية اليهودية لدعم المهاجرين الجدد. في هذه الحفلة، قدم أحمد نفسه كمهندس طموح مهتم بتطوير التكنولوجيا في إسرائيل، وهو ما جعل الكثيرين يتحدثون عنه بإعجاب.​

علاقاته بدأت تتوسع تدريجيا. تعرف على مارك، رجل أعمال يهودي كان في أواخر الأربعينيات من عمره، والذي كان يدير سلسلة متاجر إلكترونية. مارك كان مفتونا بذكاء أحمد وشغفه، وعرض عليه العمل كمستشار تقني في شركته. أحمد وافق على الفور، لأنه أدرك أن هذه الفرصة ستساعده في التوغل أكثر داخل دوائر الأعمال اليهودية في باريس. العمل مع مارك لم يكن مجرد وظيفة، بل كان منصة لمعرفة كيف تدير الجاليات اليهودية أعمالها وكيف تتواصل مع إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر.​

في نفس الوقت، تعرف أحمد على ريفكا، شابة يهودية فرنسية في أواخر العشرينيات، كانت تعمل كناشطة ثقافية وتنظم فعاليات لتعزيز التراث اليهودي. ريفكا كانت متحمسة دائما للتحدث عن جذورها وثقافتها، وهو ما جعلها تجد في أحمد شريكا مثاليا للنقاشات الطويلة. رغم أن العلاقة بينهما لم تتجاوز حدود الصداقة، إلا أن ريفكا كانت نافذة معلومات لا تقدر بثمن. من خلال حديثها عن عائلتها وأصدقائها، بدأ أحمد يفهم العلاقات المعقدة بين اليهود في أوروبا وإسرائيل.​

لكن الأمور لم تكن سهلة طوال الوقت. كان على أحمد أن يتعامل مع بعض الشكوك البسيطة من حين لآخر. مرة، أثناء نقاش مع أحد زملائه في العمل، سأله عن أصوله الأوروبية وكيف تعلم العبرية بهذه الطلاقة. أحمد بذكاء شديد أجاب بأنه نشأ في أسرة مختلطة عاشت في أوروبا الشرقية قبل الانتقال إلى فرنسا، وأنه تلقى تعليماً دينياً في شبابه. الإجابة بدت مقنعة للجميع، لكن أحمد لم ينسَ أبداً أن عليه أن يكون دائم الحذر في كل كلمة يقولها.​

مع مرور الوقت، أصبح أحمد أكثر انغماسا في المجتمع اليهودي. كان يقضي ساعات طويلة في مكتباتهم يقرأ عن تاريخهم وثقافتهم، وبدأ يشارك في دورات تعليمية كانت تعقد لتعزيز اللغة العبرية عند الشباب اليهودي في أوروبا. هذه الأنشطة لم تكن مجرد غطاء لحياته الجديدة، لكنها كانت جزءا من خطته لفهم عقلية اليهود وطرق تفكيرهم.​

بعد عامين من العيش في فرنسا، أصبح أحمد مستعداً للمرحلة التالية. خلال هذه الفترة، استطاع أن يندمج تماماً في المجتمع، وأصبح معروفاً بذكائه وقدرته على التحدث عن القضايا السياسية والتكنولوجية بطريقة تجذب انتباه من حوله. أصبح لديه شبكة واسعة من العلاقات في الجالية اليهودية، وأثبت أنه قادر على كسب الثقة والاندماج في أصعب البيئات.​

أثناء إقامته في أوروبا، كان أحمد يرسل تقارير دورية إلى المخابرات المصرية، يشرح فيها كل ما تعلمه عن الجالية اليهودية في أوروبا وعلاقاتها بإسرائيل. التقارير كانت مفصلة ودقيقة، وشملت معلومات عن الشخصيات المؤثرة، وطبيعة الدعم المالي والثقافي الذي تقدمه هذه الجاليات لإسرائيل، وكذلك نقاط ضعف يمكن استغلالها في المستقبل.​

في نهاية الفترة الأوروبية، التقى أحمد بضابط الاتصال الخاص به في مدينة جنيف، حيث تم تقييم أدائه وتزويده بأحدث أدوات الاتصال المشفر. اللقاء كان فرصة لأحمد ليعبر عن جاهزيته الكاملة للانتقال إلى إسرائيل، وهو يعلم أن المرحلة القادمة ستكون الأصعب، لكنها ستكون أيضًا الأكثر أهمية في حياته.​

عندما حان وقت مغادرته لفرنسا، شعر أحمد بمزيج من الحماسة والرهبة. لقد قضى عامين كاملين في بناء شخصية "آدم كوهين"، والآن عليه أن يأخذ هذه الشخصية إلى قلب إسرائيل ويبدأ مرحلة جديدة مليئة بالتحديات والفرص. فرنسا كانت مجرد اختبار، والآن حان وقت المهمة الحقيقية.​



أحمد لما وصل إسرائيل كانت خطته محكمة وكل خطوة محسوبة بدقة. من أول لحظة دخل فيها تل أبيب وهو عارف إنه لازم يندمج تماماً في المجتمع عشان ينجح في مهمته. عاش في حي متوسط في البداية، جنب مهاجرين يهود جداد زي حالته، وده كان بيخليه بعيد عن الأنظار في الأول. كان بيتعامل مع الناس على إنه "آدم كوهين"، مهندس شاطر وعاشق لشغله، وكل اللي حواليه كانوا شايفينه شاب طموح بيدور على فرصة يكبر فيها.​

أحمد في أول سنة كان مركز جدًا على إنه يبني قاعدة اجتماعية. بدأ يزور الكافيهات ويتعرف على الجيران، وبدأ يظهر في المناسبات العامة زي احتفالات الأعياد والحفلات الصغيرة اللي بيعملها الحي. بذكاءه الطبيعي كان بيكسب قلوب الناس بسرعة. مرة واحدة بس تكلم فيها عن شغله كمهندس تقني قدام مجموعة شباب من الحي، لاقى الكل بينبهر بفهمه للتكنولوجيا وحله لمشاكل معقدة في مجاله. ده خلاه يبدأ يكون قاعدة صغيرة من العلاقات، ودي كانت أول خطوة ليه لاختراق المجتمع.​

بعد كام شهر، لفت انتباه دافيد شامير، شاب شغال في السياسة وطموحه يخليه من قيادات حزب الليكود في المستقبل. دافيد قرب من أحمد وشاف فيه شريك سياسي محتمل، واقترح عليه ينضم للحزب، خاصة بعد ما لاحظ إن أحمد عنده طريقة مختلفة في التفكير وقدرة على النقاش المقنع. أحمد استغل الفرصة دي واتعمق أكتر في السياسة. بدأ يحضر اجتماعات الحزب ويدخل في حوارات مع شخصيات مختلفة، وكل مرة كان يطلع منها بمعلومات جديدة بتساعده في مهمته.​

مع الوقت، بقى أحمد شخصية معروفة في دوائر الحزب. مرة كان في اجتماع مغلق مع قيادات محلية، وسمع عن خطط استراتيجية للتوسع في المستوطنات. المعلومة دي كانت بالغة الخطورة، وعرف يرسلها للمخابرات المصرية بشكل مشفر باستخدام جهاز حديث كان استلمه في إحدى سفراته لأوروبا. السفرات دي كانت بتتم بسرية شديدة، وبيتقابل فيها مع ضابط الاتصال اللي كان بيدربه على أحدث وسائل التشفير والإرسال.​

على الجانب الشخصي، أحمد كان بيعرف كويس يخلق جو من الثقة مع اللي حواليه. راحيل، واحدة من اللي قربوا منه جدا، كانت زوجة رجل أعمال كبير، وبدأت تثق فيه بشكل مبالغ فيه. كانت بتحكيله عن شغل جوزها وعلاقاته بالشخصيات المؤثرة في إسرائيل، وأحمد كان بيستغل ده عشان يعرف أكتر عن الدوائر المغلقة اللي كان صعب يوصل لها بطرق مباشرة. علاقته براحيل كانت ذكية جدًا، لأنه حافظ على مظهره كصديق محترم قدامها، وفي نفس الوقت كان بياخد منها كل اللي هو محتاجه من معلومات.​

أحمد ما اكتفاش بكده، كان دايما بيوسع شبكة معارفه، وعرف يدخل في مجتمع رجال الأعمال والإعلاميين. مرة حضر حفلة كبيرة، وتعمد إنه يكون مركز الاهتمام بذكائه وكلامه الموزون. لدرجة إن بعض الحضور اقترحوا إنه يترشح لمنصب سياسي أكبر، وده خلاه يفكر في إنه ياخد الخطوة دي بجدية. بعد كام شهر، تم ترشيحه للكنيست ضمن قائمة الحزب، وده كان إنجاز كبير في خطته.​

رغم النجاح اللي حققه، كان عارف كويس إن كل خطوة بيعملها بتزود الضغط عليه. كان دايما متحفظ جدا في كلامه وتصرفاته. مرة كان في اجتماع سياسي، وحصل نقاش عن أصوله الأوروبية، وأحد الموجودين بدأ يشك في لهجته الغريبة. أحمد بكل هدوء قلب الموقف لصالحه وقال إنه عاش فترة طويلة في أوروبا، وده أثر على طريقته في الكلام. الموقف عدى، لكن أحمد فهم إنه لازم يكون أكتر حذرا.​

بعد سبع سنين في إسرائيل، كانت مهمته قربت على النهاية. جمع معلومات دقيقة جدا عن السياسة الداخلية والخطط العسكرية، وده كان إنجاز ما حدش غيره كان ممكن يحققه. لما جت ساعة الصفر للرجوع، العملية كانت معقدة جدا، بس بفضل التخطيط الدقيق للمخابرات المصرية، أحمد قدر يرجع بسلام.​

لما رجع مصر، كان في التلاتينات من عمره، وكان بيحس بمزيج من الراحة والفخر. عيلته كانت فاكرة إنه مجرد مهندس طموح رجع بعد سنين من الغربة، والجيران كانوا شايفينه رمز للنجاح. قرر أحمد يبدأ صفحة جديدة، وفتح شركة هندسية متخصصة في التكنولوجيا الحديثة. شركته نجحت بسرعة، وبقى عنده اسم كبير في السوق.​

بعد سنة من استقراره، كانت علاقته بحبيبته ليلى مستقرة، وكان بيتواصل بها بإستمرار وفضلت مستنياه وكانت بتعرف اخبارة أنه مبسوط فى شغلة وأول مهينزل يهتم جوازه منها على طول. بعد سنة اتجوزوا، وحفل الزفاف كان بسيط لكنه مليان حب وسعادة. أحمد ما حكلهاش أبدا عن حياته القديمة، بالنسبة لها كان مجرد مهندس ناجح عاش في الغربة فترة طويلة.​

رغم إنه رجع لحياة طبيعية، كان أحياناً بيقعد يفكر في السنين اللي قضاها في إسرائيل. الذكريات كانت دايما حاضرة في ذهنه، بس كان شايف إن التضحية دي كانت تستاهل عشان خدمة بلده. محدش من حواليه عرف الحقيقة، لكنه فضل يعيش حياته كبطل في الخفاء، مكتفي بفخره الداخلي عن أي اعتراف خارجي​

...تمت​

 

الميلفاوية الذين يشاهدون هذا الموضوع

أعلى أسفل